التعليم الديني للأقليات في السعودية

على الرغم من وضوح الالتزامات الدولية، تواجه الأقليات الدينية في السعودية قيودًا واسعة وممتدة تحدّ من قدرتها على تعليم أبنائها وفق معتقداتها. فقد فرضت السلطات خلال السنوات الأخيرة إجراءات أمنية مشددة على العلماء والنشطاء الدينيين داخل هذه المجتمعات، ومنعتهم من ممارسة أي نشاط تعليمي، مثل:
• تعليم الصلاة،
• عقد حلقات معرفية داخل البيوت أو المجالس،
• تقديم دروس في التاريخ أو الفقه الخاص بالمذهب،
• أو تنظيم فعاليات دينية داخل المجتمع المحلي.
توثيقات عن الاستدعاءات والتحقيقات والممارسات الترهيبية
تشير توثيقات موثوقة حصل عليها باحثون ميدانيون إلى أن السلطات السعودية قامت باستدعاء عدد من العلماء والنشطاء الدينيين من الأقليات وإخضاعهم لجلسات استجواب مطوّلة، تركزت أسئلتها حول:
• مَن الذي “يخطط” للبرامج التعليمية داخل المجتمع؟
• مَن الذي “يدعم” أو يساهم في تنظيم الفعاليات الدينية؟
• وما إذا كانت هناك جهة تُنسق أو تقود الأنشطة الدينية المحلية.
وأفادت الشهادات بأن بعض هذه الاستجوابات رافقها تهديدات مباشرة أو مبطّنة بالاعتقال، ومحاولات واضحة للضغط على الأفراد لإيقاف أي نشاط ديني أو تعليمي خارج الإطار الرسمي للدولة. ويُعدّ هذا النوع من التدخل الأمني:
• تعديًا على حرية التنظيم الديني،
• وتدخلاً تعسفيًا في الحياة الروحية للمجتمع،
• وممارسة تندرج ضمن إطار ما يوصف في الأدبيات الحقوقية بـ“الترهيب الأمني”.
الجانب القانوني لحرية الأقليات الدينية في التعليم
تقرّ المعايير الدولية لحقوق الإنسان بحق الأقليات الدينية في تعليم أبنائها وفق معتقداتها وحماية هذا الحق من أي تدخل تعسفي. وقد نصّت الاتفاقيات الدولية على ذلك بوضوح:
• العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية:
- المادة 18(4) تكفل حرية الأهل في التعليم الديني لأطفالهم،
- والمادة 27 تضمن حق الأقليات في ممارسة وتعليم معتقداتها.
• العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
- المادة 13(3) تحمي حق الأهل في توجيه التعليم الديني،
- والمادة 13(4) تتيح إنشاء مؤسسات تعليمية دينية.
هذه النصوص تشكل إطارًا ملزمًا يحمي حرية التعليم الديني للأقليات ويمنع أي قيود تعسفية على ممارسته.
دعوة لوقف الممارسات الأمنية واحترام الحقوق الأساسية
إن احترام الدولة لحرية التعليم الديني لا يهدد الأمن العام، بل يعزز التماسك الاجتماعي ويقوي مبدأ المواطنة المتساوية. ومن هذا المنطلق، يصبح من الضروري أن:
- توقف السلطات السعودية الممارسات الأمنية الموجَّهة ضد العلماء والنشطاء الدينيين الذين يزاولون أنشطة تعليمية سلمية.
- ترفع القيود المفروضة على برامج التعليم الديني داخل المجتمعات المحلية، وتسمح لها بممارسة حقها الطبيعي في نقل تراثها الديني والثقافي للأجيال الجديدة.
- تُراجع السياسات الحالية لتتلاءم مع التزامات السعودية الدولية في مجال حقوق الإنسان.
- تضمن بيئة آمنة وخالية من الترهيب لممارسة الأنشطة الدينية والتعليمية المشروعة.
إن تمكين الأقليات الدينية من تعليم أبنائها وفق معتقداتها هو حق إنساني أصيل تحميه المعاهدات الدولية، وتتحمل الدولة مسؤولية احترامه وصونه. والممارسات الأمنية التي تعيق هذا الحق ليست فقط انتهاكًا قانونيًا، بل تمثل تهديدًا للسلام الاجتماعي والاستقرار القائم على العدالة والمساواة.




