تقارير خاصةمقالات

حقوق الطفل للجميع.. إلا أطفال السعودية!

تنصّ اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي انضمّت إليها السعودية في العام 1995، على أن الطفل هو كل شخص يقلّ عمره عن 18 عاماً.

منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، تتفاعل قضية المعتقلين القاصرين في السجون السعودية، حيث تعمد السلطات هناك إلى اعتقال القاصرين وإصدار أحكام ظالمة بحقّهم قد تصل للإعدام.

القاصرون المعتقلون هؤلاء توجّه لهم تهم متعلّقة بالتعبير عن الرأي أو اعتناق معتقدات ترفضها السلطة، وهو ما يتنافى مع المواد 12، 13، 14 و15 من اتفاقية حقوق الطفل. (تنصّ المواد على حق القاصر بالتعبير عن رأيه ومشاعره في القضايا التي تؤثر عليه، بالإضافة إلى حقه بتبادل الافكار والآراء والمشاعر، كما حقه بالانضمام إلى الجماعات أو المنظمات التي يميل إليها).

وبحسب القوانين المحلية، تنصّ المادة السابعة من نظام الأحداث على أنه “لا يجوز إيقاف الحدث لغرض التحقيق؛ ما لم ترَ النيابة أن المصلحة تقتضي إيقافه، وفي جميع الأحوال لا يوقف الحدث إلا في الدار، ويكون أمر الإيقاف مسبباً”. كما ينتهي توقيف الحدث بمضي خمس أيام، بحسب المادة التاسعة من النظام عينه. وبحسب المادة 11 فيجب ألا تحقق النيابة مع الحدث إلاَّ بحضور ولي أمره أو من يقوم مقامه أو باحث أو أخصائي اجتماعي أو بحضور محامٍ له.

قد لا يسعنا أن نذكر كل المواد المحليّة والدوليّة التي تنصّ على حقوق القاصرين، والأمر عينه بالنسبة للانتهاكات التي تقوم بها السعودية بحق القاصرين، فقد كثرت انتهاكات السعودية وتفاقمت حتى باتت لا تعدّ.

خلف قضبان المعتقلات السعودية يقبع عشرات القاصرين ممّن لا ذنب لهم سوى التعبير عن آرائهم، أو المشاركة بنشاطات بسيطة، كالمعتقل السابق مرتجى قريريص وتهمتُه الأولى المشاركةُ في سنِّ العاشرةِ بتظاهرةٍ على دراجةٍ هوائية مع اطفال آخرين في منطقة العوامية في العام 2011.

قريريص قبل الإفارج عنه كان مهدداً بالإعدام، كحال عددٍ من المعتقلين القاصرين المهدّدين بالإعدام اليوم، وعُرِف من أسمائهم: جلال اللباد، يوسف المناسف، سجاد آل ياسين، حسن زكي الفرج، مهدي المحسن، عبد الله الدرازي، وجواد قريريص.

الحكم بالإعدام على القاصرين مخالفٌ لقانون الأحداث السعودي نفسه، فهو ينصّ على أنه “إذا كان الحدث ما بين الـ15 والـ18 من العمر، مرتكباً لجريمة يعاقب عليها بالقتل، فيكتفى بإيداعه في دار مخصصة للأحداث مدة لا تتجاوز عشر سنوات”، هذا إذا كانت “جريمته” تستدعي القتل، فكيف إذا كانت التهمة الموجّهة إليه مجهولة وغير محددة؟

هذا وتخالف أحكام الإعدام الصادرة مؤخراً الأمر الملكي الذي أعلنته هيئة حقوق الإنسان الرسمية في أبريل/نيسان 2020 ويأمر “بإيقاف تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة بعقوبة القتل (الإعدام) تعزيراً على الأحداث، والذي يشمل جميع الأشخاص الذين لم يتموا سن الثامنة عشرة وقت ارتكابهم الجريمة، بمن فيهم المحكوم عليهم بالقتل (الإعدام) في الجرائم الإرهابية”.

هذا في ما يتعلّق بحكم الإعدام، يُضاف إليه من الانتهاكات التعذيب الذي يتعرّض له القاصرون المعتقلون، بالإضافة إلى ظروف السجن غير الملائمة، والإرهاب النفسي الذي يمارس عليهم، والانتهاك الأخطر وهو احتجازهم مع مساجين متّهمين بجرائم خطيرة كالقتل وتعاطي المخدرات. كل هذه الانتهاكات مخالفة للمادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تنصّ حرفياً على أنه “يجب عدم تعريض الأطفال المتهمين بانتهاك القانون لعقوبة القتل أو التعذيب أو المعاملة القاسية أو السجن مدى الحياة أو وضعهم في السجن مع أشخاص بالغين”.

كل هذه الوقائع تُثبت أن القوانين التي تضعها السعودية والاتفاقيات التي تنضمّ إليها، هي إجراءات شكلية، بينما تُفصّل السلطات قوانين وأحكام تُناسب نظامها القمعي الاستبدادي الذي لا يوفّر حتى الأطفال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى