مقالات

محرم في السعودية: حريةٌ دينية مسلوبة وخطةٌ ممنهجة للتضييق

مع حلول شهر محرّم من كل عام، تتكرّر الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات السعودية بحق المواطنين في المنطقة الشرقية، عبر سياسات تهدف إلى حرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية. ويتحوّل موسم عاشوراء، الذي يمثّل مناسبة دينية عميقة لدى شريحة واسعة من المجتمع، إلى بيئة مشحونة بالإجراءات الأمنية والقيود، في خرقٍ صريحٍ للحقوق المكفولة دوليًا.

إجراءات قمعية ممنهجة
يعتمد النظام السعودي مجموعة من التدابير الأمنية والإدارية ذات الطابع القمعي، من بينها فرض رقابة مشددة على المجالس الدينية، وإجبار الأهالي على إقامة الشعائر ضمن نطاق مغلق ومحدود داخل الحسينيات المرخّصة، وحظر إقامة المضائف أو تقديم الطعام، إلى جانب إزالة المظلات والخيام المؤقتة. كما تنصب السلطات نقاط تفتيش على مداخل المدن لمراقبة الزوار، ومصادرة المواد المرتبطة بالشعائر.

استهداف المظاهر والممارسات الدينية
لا تكتفي السلطات بمنع التجمعات أو تقييد الأماكن، بل تتوسّع في قمعها لتشمل الرموز والمظاهر الدينية، حيث تُزال الرايات السوداء والحمراء من الشوارع والمنازل، وتُفرض إجراءات عقابية على المحلات التجارية التي تُبدي أي نوع من الدعم للمآتم. وتمتد هذه الممارسات لتطال مطابخ الطعام الخيرية التي تُستخدم في إحياء المناسبة، عبر مداهمتها ومنعها من تقديم الخدمات، في اعتداء سافر على الحريات المجتمعية والدينية.

ملاحقة خطباء ورواديد واستدعاءات تعسفية
تستهدف الحملات الأمنية بوضوح العاملين على تنظيم الشعائر، من خطباء ورواديد ومسؤولي الحسينيات، عبر استدعاءات أمنية، واعتقالات تعسفية، ومراقبة مشددة. ويُلزم الخطباء بالحصول على تصاريح مسبقة تتضمن رقابة أمنية صارمة على محتوى الخُطب، وتوقيع تعهدات تمنعهم من التطرّق إلى قضايا تُعدّ “حساسة”، ما يشكّل انتهاكًا مباشرًا لحرية التعبير الديني.

خطة ممنهجة لقمع الحرية الدينية وخرق للقانون الدولي
ما يحدث في السعودية لا يمكن اعتباره مجرد تجاوزات فردية أو ردود فعل أمنية مؤقتة، بل يشكّل نمطاً ممنهجاً من السياسات القمعية التي تعتمدها الدولة بهدف تقييد ممارسة الشعائر الدينية والتضييق على الحريات الدينية الأساسية لأبناء المنطقة الشرقية. هذا النهج يُمثّل انتهاكًا صارخًا للمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تضمن حرية الدين والمعتقد، وللمادة 19 التي تكفل حرية الرأي والتعبير.

كما يُعدّ هذا السلوك خرقًا فادحًا لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينصّ على حماية الحريات الدينية وحرية التجمع السلمي دون تمييز. ما تقوم به السلطات السعودية هو استخدام ممنهج للأدوات القانونية والأمنية كوسيلة قمع، بما يناقض التزامات الدولة الدولية ويقوّض أبسط الحقوق المدنية للمواطنين.

دعوة إلى محاسبة النظام وضمان الحريات الدينية
إننا في لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان، نحمل النظام السعودي المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات المتكرّرة التي تُرتكب في حق المواطنين في المنطقة الشرقية، ونطالب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بتحمّل مسؤولياتها تجاه هذه الانتهاكات، والضغط على الحكومة السعودية لوقف جميع أشكال التمييز الطائفي والتضييق على الحريات الدينية، وضمان حق الأفراد في ممارسة معتقداتهم وشعائرهم دون خوف أو قيود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى