الأمن السعودي يألف قصص مكسيكية حول جرف أحياء مدينة جدة
ما يحدث بناء وتعمير وتجديد وتطوير للعشوائيات وليس هددا”.. رواية حاول النظام السعودي فرضها والترويج لها، كمبرر لما يحدث من أعمال هدم لأحياء مدينة جدة، والتي لاقت ردود فعل غاضبة منذ بدأ النظام في تنفيذها مؤخرا فارضا على الأهالي التهجير القسري.
واستخدم النظام السعودي حسابات وهمية وأخرى محسوبة على السلطة وموالية لها يطلق عليها الناشطون “الوطنجية”؛ للترويج إلى أعمال هدم جدة، والتي وصفها مراقبون بـ”الجريمة الإنسانية بحق الأهالي، على أنها قضاء على أوكار الجريمة”.
الناشطون عبر مشاركتهم في وسم #هدد_جدة، فضحوا حسابات الذباب الإلكتروني، ورفضوا روايته، واستنكروا المبررات التي ساقوها واستخدامهم “خطابا عنصريا مقيتا” ضد أهالي جدة وتوجيههم اتهامات جماعية لهم بأنهم “مروجو مخدرات ومجرمون يعيشون في أوكار”.
وتداولوا صورا لأحياء جدة بعدما حولها النظام إلى ركام وحجارة مبعثرة، ومقاطع فيديو للجرافات وهي تهدم المباني والمساجد وتدمر بيوت المواطنين، وتمحي الذاكرة وتعبث بالتراث، ناشرين صورا لجدران دون عليها الأهالي ذكرياتهم.
وحذر ناشطون من أن سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، العدائية للشعب السعودي، والتي ينتهجها لتنفيذ مشاريع رؤية 2030 التي أطلقها عام 2016، تجعل الشعب بكافة شرائحه وانتماءاته المذهبية والفكرية يتوحد على معاداة النظام.
واستنكر ناشطون عدم إعطاء الأهالي تعويضات مناسبة للبحث عن مساكن بديلة، فضلا عن عدم منحهم مهلة كافية لإخلاء منازلهم، وقطع الخدمات عنهم.
وبحسب الجداول المنشورة من قبل أمانة مدينة جدة، فإن أعمال الهدم والإزالة ستطال 37 حيا على الأقل، بمساحة إجمالية تصل إلى 31.2 مليون متر مكعب، تضم مئات الآلاف من المواطنين والمقيمين.
ومن أبرز الأحياء العريقة التي يشملها الهدم بالكامل، “ذهبان، ثول، النزهة، مشرفة، الجامعة، الهنداوية، الفاو، المحاميد، الثغر، بني مالك، القرات، الثعالبة، الشرفية، الغزلة اليمنية، الكندرة، الروابي، الربوة”.
سلطة استبدادية:
وهاجم ناشطون ولي العهد السعودي وسياساته، واصفين هدم جدة بأنها “إزالات ظالمة غير مستندة لأي دراسة أو تنظيم تجسد دور السلطة الاستبدادية”.
الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني، يحيى عسيري، أوضح أن “هدم جدة يضاف لسلسلة إزالات ظالمة وتهجير جائر قامت وتقوم به سلطات الاستبداد ورأي الرجل الواحد صاحب القدرات العقلية المتدنية، والنفس الإجرامية، والأنا المتضخمة! الجاهل بكل ما حوله المنعدم من كل قدرة أو قيم!، ويضاف لسلسلة انتهاكاته وجرائمه وحروبه هو ووالده وأسرته!”.
فيما رأى صاحب حساب “محقق خاص”، أن “إزالة الأحياء العشوائية جزء من مخطط وهمي أكبر، ينفذه ابن سلمان بالتنسيق مع الصهاينة”، متوقعا أن ولي العهد “سيذهب بعد جدة، إلى الهدف الرئيس، وهو مكة والمدينة، ليدمر ويغير الهوية التاريخية للمسلمين في الحجاز”.
ولفت أحد المغردين، إلى أن ابن سلمان “صبي مدلل لا يعرف معنى حي، جيران أو ذكريات كل ما يعرفه هو أن هذه البلاد بلاد أبيه ويستطيع أن يفعل بها ما يشاء”، داعيا لـ”إيقافه الآن وفورا”.
“قصص مكسيكية”:
وصب ناشطون غضبهم على الذباب الإلكتروني الحكومي الذي تحركه السلطات السعودية لخدمة ملفاتها وتمرير قرارتها، بتكليفهم بالتغريد في الوسوم الفعالة برؤية الحكومة والترويج لأكاذيب كمبررات لتمرير القرارات.
ورصد الناشطون تغريدات لعدد من الناشطين تدعي أن الأحياء العشوائية في جدة أشكال من التشوه البصري، ومنتشر بها العصابات والممنوعات، وتعد مرتعا ومسكنا لمروجي المخدرات وحرب العصابات والجريمة المنظمة، ولذلك يتم إزالتها.
الناشط السياسي والحقوقي مقبول العتيبي، قال إن “من صدمة ردود الفعل الشعبية كلف مشاهير الذباب بتأليف قصة مكسيكية عن إزالة الأحياء وهدد جدة”.
ورأى أن “ذلك يؤكد أن نظرة آل سعود للشعب بأنهم مجرد أكوام بشرية لا يحق لها حتى الاعتراض عن فكرة تطوير في باطنها غياب عدالة جاهلية ناهيك عن عدالة سيد البشرية”.
وأشار أحد المغردين، إلى أن “الذباب خرج من وكره لغزل القصص التي تبرر جرم الدولة بحق أولئك الضعاف”، قائلا: “إن كانت جدة وكرا لترويج الممنوعات فما تبرير صمت الحكومة حتى اليوم؟ سوى أننا نسير وفق هوى حاكم طائش سفيه أراد أن يقيم مراقصه فوق أنقاض منازلنا”.
وقال المغرد ضرغام نجد: “الذباب الغبي يعتقد أن نصرتنا لأهالي جدة بدافع شخصي أو ضرر لحق بنا شخصيا، نحن أحرار لا نرضى بالظلم والقهر ننصر المظلوم ولو كان في أقاصي الأرض فكيف بأبناء شعبنا المظلوم الذين يتعرضون للظلم من قبل سلطة إرهابية يقودها مختل عقليا ومن خلفه ذباب مأجور”.
مشاريع ابن سلمان:
ورد ناشطون على الأكاذيب التي حاول الذباب الإلكتروني ترويجها، رابطين بين ما يفعله ابن سلمان ومشاريعه التي أعلن عنها، إذ تأتي أعمال هدم أحياء جدة، عقب إطلاقه مشروعا استثماريا جديدا لتشييد أربعة معالم رئيسة عالمية، هي “دار أوبرا، ومتحف، واستاد رياضي، والأحواض المحيطية والمزارع المرجانية”، بالإضافة إلى 10 مشاريع ترفيهية وسياحية نوعية.
وكتب عضو حزب التجمع، عبد الله الجريوي: “الذاكرة السمكية لمبرري الإزالات (#هدد_جدة) بقولهم إنها عشوائيات أو مخالفات ليست هي السبب، بل تنفيذ مشروع ابن سلمان الذي لن يوقفه شيء حتى لو كلفه ذلك دم المواطن وقهره، ولا بد علينا من توثيق هذه الحقبة لكي لا تنسى”.
بدوره، قال عضو حزب التجمع الوطني، عبد الله الحارثي: “كلنا مع التطوير وتوسعة الشوارع وتحسينها، ولكن في المقابل نرفض الظلم الذي تمارسه السلطة في تهجير الناس من بيوتها دون العمل بالإجراءات النظامية”.
وأكد الناشط مشبب الزهراني، أن “ابن سلمان يعشق التدمير فقط”، مشيرا إلى أن “هدم جدة مشروعه وحلمه”.
“الاحتلال السلماني”:
وشبه ناشطون النظام السعودي بالاحتلال الإسرائيلي الذي يقوم بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم واحتلالها، والنظام السوري الذي قصف الشعب بالكيماوي وأجبرهم على ترك منازلهم وأصبحوا مشردين ونازحين، بينما شبهه آخرون بمليشيا الحوثي.
الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، أشار إلى أن “إيران تهجر أهل السنة في سوريا والعراق، والصهاينة يهجرون العرب في فلسطين، وابن سلمان يهجر السعوديين في السعودية”.
الكاتبة السعودية، حنان العتيبي، وصفت ما يحدث بـ”الاحتلال السلماني”، مبشرة بأنه “لن يدوم على بلاد الحرمين”.
الناشط مختار الزبيدي، قال “لا فرق بين عبد الملك الحوثي ومحمد بن سلمان، لأن الحوثي انقلب على السلطة الشرعية، وابن سلمان انقلب على النظام المتبع في مملكة آل سعود، وانقلب على أعمامه وأبناء عمه أصحاب الأحقية بالسلطة، والحوثي يفجر البيوت لأجل الحكم وابن سلمان يهدم لأجل مشاريعه”.